المقدمة
قد لا توازي سلسلة ديجمون (Digimon) حجم وشهرة سلسلة بوكيمون، لكني شخصيًا كنت ولا زلت مرتبطًا بأبطال الديجيتال بشدة منذ صغري.
هنا، كنت حذرًا: هل ستستغل اللعبة جانب الحنين للماضي (النوستالجيا) الموجود لدى اللاعبين فحسب؟ أم أنها ستقدم تجربة ممتعة حقًا ضمن فئة ألعاب تقمص الأدوار اليابانية (JRPG)؟
كانت بداية اللعبة جذابة بشكل لافت، وقد أثارت إعجابي حقًا. فمنذ اللحظات الأولى في مدينة طوكيو، تبدأ رحلة بحث المحقق الخاص عن العوامل غير الطبيعية في المنطقة. ثم نكتشف لاحقًا أن الأمور جميعها مرتبطة بالمخلوقات الرقمية، الديجمون، نظام اللعب (Gameplay) اعتمد على تبادل الأدوار المألوف في ألعاب JRPG، ولكنه جاء مُحسّنًا مقارنة بالجزء السابق الشهير Cyber Sleuth.
لا يمكنني أن أغفل اسم اللعبة نفسه، Time Stranger، مما يعني أن السفر عبر الزمن أمر لا مفر منه. ورغم تناول هذا الموضوع بكثرة في وسائل الإعلام مؤخرًا، إلا أنني لم أمل منه بعد؛ فهو سيف ذو حدين سرديًا: إما أن يقدم أفضل حبكة على الإطلاق، أو يكون مجرد وسيلة لربط الأحداث ببعضها البعض.
القصة والشخصيات
أنت تلعب دور محقق خاص يعمل لصالح شركة سرية، يتم إرساله للتحقيق في الظواهر غير الطبيعية. وخلال رحلتك، تصادف مجموعة من المخلوقات الرقمية تُدعى الديجمون. وعندما يهاجمونك، تزودك الشركة بمخلوقات ديجمون خاصة بك، تتكون من ثلاثة ديجمونات أولية يمكنك اختيار واحد منها. تعتمد اللعبة على نمط البطل “الذي بلا هوية أو اسم محدد ولا ماضٍ معين”، وهو القالب المعروف في ألعاب تقمص الأدوار لمنح اللاعب الحرية الكاملة في تقمص الدور الذي يناسبه وتخيل شخصيته في هذا العالم.
لقد جذبتني القصة خاصةً في بدايتها وعوامل الغموض المحيطة بها: ماذا سيحدث بعد العودة بالزمن؟ وهل يمكن إيقاف ما حدث في المستقبل؟ ولكن مع تقدمي في منتصف اللعبة، أدركت مشكلة أواجهها عمومًا مع هذا النوع من الألعاب اليابانية، وهي ميل المطورين إلى التفرع المفرط في القصة وحشوها أحيانًا بما يُعرف بـ “الفلر” (Filler). لا أقول إن الحشو لم يكن جميلاً، لكنه أحيانًا يكون بعيد الصلة عن القصة الأساسية ويكسر التوجه السردي المخصص.
كانت الشخصيات بشكل عام لطيفة، ولكنها في الأساس من النمط المعتاد. لدينا هنا Inori Misono، الفتاة المحبوبة واللطيفة التي تهتم بشخصية معينة تذكرها بأخيها الأصغر. لا أنكر أنني أعجبت بالتفاعل الديناميكي بين الشخصيتين، لكن الحوارات نفسها كانت عادية.. أما بالنسبة لشخصية Aegiomon، فهو البطل المختار الذي لا يتذكر ما حدث له خلال هذه الأحداث كلها، لكن عليه تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه والارتقاء إلى المستوى البطولي الذي اختير له. هي شخصية محبوبة، وأكثر ما أعجبني فيها هو تصميمها وحواراتها مع Inori.
يجب أن أثني على Time Stranger لكونها نجحت في ربط قصص شخصياتها وأخذها على محمل الجد، على عكس ألعاب أخرى في السلسلة. لقد أصبحت مهتمًا بهذه الشخصيات وهذا إنجاز ليس سهلاً؛ فعند تصاعد الأحداث، كنت على أعصابي لمعرفة ما سيحدث لهم وأصبحت أهتم بمصيرهم.
أسلوب اللعب
نظام اللعب هنا يعتمد على تبادل الأدوار (Turn-based) وقد يبدو كلاسيكيًا، لكن فيه تغيير بسيط: إنه مبني على نظام قريب من حجرة ورقة مقص (Rock-Paper-Scissors) في المعارك. فلكل مخلوق ديجمون عنصر معين، وهذا العنصر قد يكون قويًا أو ضعيفًا ضد عنصر آخر لمخلوق ديجمون آخر، وهذه هي الدائرة التي يعتمد عليها القتال.
نظام اللعب ممتاز وسلس في التحريك ومتنوع في الرسوم المتحركة (Animation) للحركات الخاصة بالديجمون، خاصة المخلوقات المتطورة والقوية، نه سريع الفهم وفعال في القتالات. هناك عنصر استراتيجي خصوصًا مع وجود الحركات القوية التي تستهلك قدرًا كبيرًا من طاقة الديجمون؛ هنا يجب أن تقرر: هل هو الخيار الأفضل الآن، أم يجب عليك حفظه وانتظار الزعيم الكبير في المنطقة؟
هناك أيضًا الحركة الخاصة (Special Move) التي يمكنك استعمالها بعد فترة من القتال، ويتوفر منها الكثير، بدءًا من إحداث ضرر كبير بالأعداء وصولاً إلى إعطاء تحسينات (Buffs) للديجمون أنفسهم.
الرسومات والعالم
الأسلوب الفني المستخدم هنا قريب جدًا من مفهوم الحياة الرقمية (Digital Life). لقد أذهلتني دقة المجسمات في مخلوقات الديجمون وتفاصيلها المتقنة؛ فالكل نال نصيبه من هذه الدقة. كما أن هناك مشاهد خلابة في الكثير من المناطق، لدرجة أنني لم أدخل منطقة جديدة دون أن ألتقط صورة لها.
العالم أيضًا متفاعل معك. على سبيل المثال، القرية التي تجمع جميع المخلوقات الرقمية، يتواجد فيها عدد كبير جدًا منهم يقومون بأعمالهم وأمورهم الخاصة، مما يمنح إحساسًا بأن هذا المكان حي ونابض بالحياة.
الاعتناء بالديجمون وطريقة التفاعل معهم
للحصول على ديجمون جدد، يجب عليك مسحهم رقميًا (Scan) من خلال مبارزتهم وجمع عدد معين من المسحات المطلوبة لضمهم إلى فريقك. ويمكنك أيضًا مسحهم حتى نسبة 200% للحصول على أمور إضافية ومفيدة لهم.
قد يكون هذا النظام ممتعًا في البداية، لكن سرعان ما يصبح مزعجًا للحصول على ديجمون جديد دون خوض مبارزات متعددة، وغالبًا ما سترغب في الحصول على نسبة 200%، مما قد يستغرق وقتًا طويلاً. من الفعاليات الموجودة في اللعبة الحقل الخاص بالديجمون، وهو جزء منفصل يمكنك فيه تدريبهم وإطعامهم وتصميم المكان وفقًا لرغبتك.
وبعد اكتساب المتطلبات اللازمة، يمكنك تطويرهم إلى النسخة الأقوى والأفضل، وهذا هو الجزء الأكثر متعة بالنسبة لي: تجميع الديجمون بأشكالهم الجميلة وتقويتهم حتى يصبحوا قوى لا يُستهان بها. هناك ما يقارب أكثر من 450 مخلوقًا في انتظارك لتجربتهم.
الموسيقى
لقد فوجئت بمدى حبي للموسيقى التصويرية (Soundtrack). يجب أن أذكر نغمتي المفضلة التي تظهر عند خروجك من أول منزل والمشي في شوارع المدينة؛ هذه النغمة لم تغادر بالي طوال فترة لعبي.
إلى جانب الكثير من المقطوعات الموسيقية الأخرى التي يصعب ذكرها، لكنها كانت ممتازة جدًا. إنها أحد أبرز نقاط قوة هذه اللعبة، وإذا كنت من محبي السلسلة، فلن يخيب أملك أبدًا.
لعبة البطاقات
عندما سمعت أن هناك لعبة بطاقات داخل اللعبة، تحمست كثيرًا لتجربتها، خاصة عند رؤيتي للرسومات المتواجدة فيها. لكني وجدتها بسيطة جدًا؛ فهي مجرد اختيار للعنصر المضاد للورقة المقابلة لك ومشاهدة رسم متحرك بسيط من البيكسل آرت (Pixel Art). فيها نظام عند بقاء بطاقتين لديك من نفس اللون تحصل على بطاقة أخرى، والخاسر هو من يخسر بطاقاته جميعها. إنها لطيفة وممتعة وتوفر تغييرًا عن القصة الرئيسية، لكني توقعت عمقًا أكبر قليلاً.
ما بعد إنهاء اللعبة
مشوارك مع اللعبة لا ينتهي بمجرد إكمال القصة. فهناك الكثير مما يمكنك فعله، من تجميع المخلوقات المتبقية إلى العودة للأبراج المحصنة (Dungeons) الأخرى. قد يستغرق الأمر أكثر من 100 ساعة لمشاهدة جميع ما تقدمه هذه اللعبة، وربما أكثر.
* تمت مراجعة اللعبة على PC بنسخة مراجعة مقدمة من الناشر.
الإيجابيات
- تصميم الديجمون دقيق وجميل جدًا.
- تعدد كبير في الديجمون المتواجدين (أكثر من 450 مخلوقًا).
- عالم متفاعل وخلاب.
- نظام لعب مُحكم وسلس.
- الموسيقى الجذابة هي أحد أهم عناصر قوة هذا الجزء.
- محتوى كبير ومتنوع حتى بعد إنهاء القصة.
- لعبة البطاقات المصغرة لطيفة برسوماتها الجميلة بالـ بيكسل آرت.
- بعض التعديلات التي تسهل حياة اللاعب (مثل قتل الأعداء الضعفاء قبل دخول المبارزة).
السلبيات
- بعض الشخصيات قد لا تكون مكتوبة بأفضل شكل.
- تكرار في المهام الجانبية من النوع نفسه.
- عملية مسح المخلوقات قد تكون مزعجة بعد وقت معين.
- عدم توفر أداء صوتي في بعض مشاهد القصة الرئيسية.
لعبة Digimon Story: Time Stranger هي رسالة حب لكل عشاق هذه السلسلة، سواء من ناحية الأنمي أو الألعاب. هنا يجتمع الجميع ليتفقوا على أنها من أفضل الأجزاء على الإطلاق.
تقدم اللعبة قصة مشوقة ومليئة بالأحداث، ونظام لعب سهل الفهم وممتع، ورسومات جميلة ومناسبة للعالم الرقمي. إنها عنوان كبير أوصي به في صنف الـ JRPG، وعلى الرغم من ضعف بعض عناصر القصة من ناحية كتابة الشخصيات، إلا أن بوجود محتوى ضخم ومتنوع، فهي الأفضل في نوعها.