المقدمة
لعبة منصات وأكشن ثنائية الأبعاد بأسلوب Metroidvania، برسوم يدوية مذهلة خطفت الأنظار منذ لحظة الإعلان عنها، ثم عززت هذا الانطباع أكثر مع الديمو الذي صدر خلال الأشهر الماضية. كنت أعلم من البداية أنها ستكون تجربة مميزة عند الإطلاق، لكنها وبكل صراحة تجاوزت توقعاتي بشكل يفوق الوصف.

تتمحور حول فنانة عالقة داخل عالم خيالي من نسج مخيلتها، عالم يعكس اضطرابها الداخلي وحالتها النفسية المتأزمة الناتجة عن معاناتها في حياتها الواقعية وعجزها عن طلب المساعدة. تخوض من خلاله رحلة عاطفية تتخللها لمحات من ماضيها، تسلط الضوء على ضغوط العمل والمشاكل التي تواجهها داخل الأوساط الفنية.
سرد القصة يدفعك للتعاطف معها بشكل كبير، بفضل الطريقة التي تُقدَّم بها رمزيات العمل الفني، والخوف، والقلق من الفشل وعدم الوصول إلى النجاح الذي تطمح إليه.
أسلوب اللعب
أكثر ما لفت انتباهي قبل الدخول في تفاصيل الجيم بلاي هو قدرة المطوّر على دمج عنصر الفن وجعله ركيزة أساسية في التجربة. فالشخصية تستخدم فرشاة الرسم كأداة محورية في القتال، وفي التنقل، والقفز بين المنصات، وتجاوز العقبات المختلفة، بشكل يخلي كل حركة تقوم بها مرتبطة بهويتها كفنانة.
أسلوب القتال
القتال سلس وسريع، ويعتمد بشكل واضح على حفظ أنماط هجمات الأعداء، خصوصًا الزعماء. ففي حال موتك، إمّا تعود إلى آخر نقطة حفظ، أو تختار أن تكمل من نفس المكان الذي توقفت عنده، لكن مع ثمن واضح: اللعبة تفرض “لعنة” تجعل الأعداء والزعماء أكثر شراسة، وتزيد نسبة الضرر الذي يسببونه لك بشكل ملحوظ، وهذا يضيف طبقة إضافية من التحدي والمجازفة.
أسلوب التنقل والمنصات
عند الحديث عن التنقل، فهو واحد من أبرز عناصر التميز في Constance. الشخصية Connie تمتلك القدرة على تحويل نفسها إلى بقعة طلاء، تُمكّنها من المرور عبر الممرات الضيقة التي لا يمكن عبورها في حالتها الاعتيادية، أو التسلق والوصول إلى حواف وجدران عالية يصعب بلوغها بالقفز العادي.
إضافةً إلى ذلك، تمتلك قدرة تسمح لها بالقفز فوق الأشواك والبالونات دون السقوط أو تلقي الضرر، مما يفتح المجال أمام تصميم منصات مليء بالمخاطر يتطلب دقة في التوقيت والتحكم. المميز أن كل هذه القدرات لا تُستخدم فقط كأدوات لعب، بل تخدم أيضًا جانب القصة؛ فهي تعمّق ارتباطك بالشخصية وبحالتها النفسية، وتجعلك تشعر أن تطور أسلوب اللعب هو امتداد مباشر لرحلتها الداخلية وصراعها مع ذاتها.
تصميم العالم
العوالم المرسومة يدويًا غالبًا ما تكون ملفتة للنظر، وConstance ليست استثناءً أبدًا. الخلفيات، التفاصيل الصغيرة، وكل ما يحيط بك في البيئة يأسر العين بسحره. جمال اللعبة بصريًا يتحول إلى دافع قوي يجعلك تستكشف كل أسرار هذا العالم. من خلال هذا الاستكشاف، تقدر تجمع Sketches تضيف لك تحسينات على مهاراتك، فتشعر أن فضولك البصري يُكافَأ بشكل عملي في أسلوب اللعب.
إحدى اللمسات الجميلة المرتبطة بهوية اللعبة هي أن الشخصية تستلهم قدراتها من بعض الأماكن داخل العالم؛ فبعض المواقع تمنحها أفكارًا جديدة تُترجم إلى قدرات أو تعديلات على قدراتها الحالية، لكن تعديل هذه القدرات يتم حصريًا عند نقاط الحفظ. أما من ناحية الاستكشاف نفسه، فالأمر يصبح أسهل وأمتع بفضل تصميم خريطة مريح وواضح. لديك القدرة على فتح خريطة مصغّرة على الشاشة والاستمرار باللعب في نفس الوقت، دون الحاجة لإيقاف اللعب كل مرة حتى تتأكد من الطريق. عندك القدرة عن طريق الكاميرا أن تصوّر الأماكن التي تحتوي على بعض الأغراض حتى ترجع لها بوقتٍ ثانٍ من تحصل القدرات التي تسمح لك بالوصول للأماكن التي صورتها.
الزعماء
تتميّز الزعماء في Constance بتصاميم فريدة وملفتة، مع أساليب قتال وميكانيكيات تختلف من زعيم لآخر، مما يجعل مواجهات أغلبهم من النوع الذي يبقى عالقًا في الذاكرة لفترة طويلة. تتنوع الهجمات وأنماط الحركة بشكل يفرض عليك التعلّم والتكيّف بدلًا من الاعتماد على تكرار نفس الأسلوب في كل معركة. مع ذلك، يُؤخذ على اللعبة إعادة استخدام بعض الزعماء في إحدى مناطقها، الأمر الذي يُضعِف قليلًا من تأثيرهم، خصوصًا بعدما تكون خضت ضدهم مواجهة قوية ومميزة في المرة الأولى.
مشاهد الفلاش باك أثناء القصة
وجودها لا يقتصر فقط على تعريفك بالشخصية بشكل أفضل، بل يضعك في محلها؛ فتتفاعل مع اللحظات والأحداث التي دفعتها إلى هذا الانهيار النفسي، وكيف يمكن أن يؤدي ضغط الآخرين المستمر، وإجبارهم لك على تجاوز حدودك من أجل تلبية توقعاتهم، إلى تدميرك من الداخل خطوة بعد أخرى.
* تمت مراجعة اللعبة على PC بنسخة مراجعة مقدمة من الناشر.
الإيجابيات
- توجه فني يدوي مذهل.
- تصميم العالم مذهل ومصمم ليخدم أسلوب التنقل.
- قتالات الزعماء تقدم مواجهات ملحمية.
- القصة مؤثرة تركز على أعراض انهيار الصحة النفسية.
- أسلوب القتال سلس ومشوق، مع نظام اللعنة الذي يضيف بعض التحدي إلى جميع القتالات.
السلبيات
- التنقل السريع مقتصر فقط على مصعد يربط بين مناطق محدودة من دون وجود خيار للتنقل بين نقاط الحفظ.
- المشاهد التي تستعرض ماضي الشخصية كانت لتبدو أفضل لو كانت تحتوي على حوارات صوتية، ومع ذلك فهي رائعة للغاية بطريقة تقديمها.
- عمر اللعبة قصير يجعلك تشعر برغبة بعدم ترك اللعبة بعد انتهائها، لكن يمكنك أن تطمح لإنهاء اللعبة 100% عن طريق جمع كل المتعلقات التي تقوم بتطوير شخصيتك وإنهاء جميع المهام الجانبية.
تأتي Constance في عام مليء بالإصدارات المميزة لتثبت من جديد هيمنة المطور المستقل وحضوره القوي. صحيح أنها تُصنَف كلعبة مترويدفينيا، لكنها لا تشبه أي لعبة مترويدفينيا أخرى.. قصة تحاكي جوانب نفسية مؤثرة، وأسلوب لعب ممتع ومتقن، وعوالم مصممة لتبدو وكأنها لوحة فنية.
عيبها الوحيد يكمن في غياب التنقل السريع ما بين نقاط الحفظ، وعمر اللعبة بالنسبة لتصنيفها يعتبر قصير نسبيًا.



