مراجعة Dreams of Another

المقدمة

تتبنى لعبة Dreams of Another العديد من المفاهيم الإنسانية والأخلاقية، وهي موجهة بشكل رئيسي لكل من يبحث عن تجربة ذات طابع فلسفي ولمسة فنية مميزة. منذ اللحظات الأولى لدخولك عالم اللعبة، ستظهر أمامك مجموعة من العبارات التي تضع حجر الأساس لرحلتك: التدمير ليس بالضرورة فعلًا سلبيًا، بل قد يكون بداية لخلق جديد. هذا المفهوم يشكل العمود الفقري للتجربة كلها، حيث يتكرر ويتجلى في أسلوب اللعب وطريقة تقديم العالم.

القصة

تفتتح Dreams of Another بمشهد محوري لأحد الشخصيات الرئيسية في التجربة، يُعرف فقط بـ الجندي المتجول. يظهر برفقة رقيب في الجيش أثناء تجوالهما للتزود بالرصاص، لكن سرعان ما يقعان في كمين. يجد الجندي نفسه عاجزًا عن القتال، إذ لم يزوده الرقيب سوى برصاصة واحدة لا يقوى حتى على استخدامها. في لحظة يأس، يلجأ إلى الاختباء داخل حظيرة، لكن يتم العثور عليه من قبل أحد الجنود. هنا يبدأ الجندي المهاجم بالسخرية منه، ويعدّ تنازليًا باستهزاء من عجزه عن الدفاع عن نفسه أو مواجهة العدو. ينتهي المشهد بصوت طلقة نارية يقطع الموقف المأساوي، تاركًا اللاعب في حالة من الغموض والتساؤل عن من الذي بادر بالضغط على الزناد وما مصير الجندي بعد هذا المشهد.

بعد ذلك مباشرة، تنتقل التجربة لتضعك في مكان شخصية جديدة تمامًا: الفتى ذو البيجامة. شخصية غامضة، بلا اسم، لا يُعرف عنها سوى لقبها البسيط الذي يطلقه عليها الآخرون. سرعان ما يلتقي الفتى بالجندي المتجول، ليأخذ منه سلاحه، فيخبره الأخير أنه لم يعد ذا فائدة بالنسبة له. من هنا تبدأ رحلة اللاعب في محاولة اكتشاف حقيقة هاتين الشخصيتين، وأصل ماضيهما، والظروف التي قادتهما إلى أن يلتقيا في هذا العالم الغريب، عالم الأحلام.

الغموض يسيطر على البداية، ويثير شعورًا بالحيرة لدى اللاعب، لكن مع مرور الوقت وتعاقب الأحداث والذكريات والحوارات، تبدأ خيوط القصة في التشابك شيئًا فشيئًا، كاشفةً عن روابط خفية بين الشخصيات وأحداث الماضي، مما يحفزك على الاستمرار في البحث والفهم.

من هنا، يضعك المطور أمام تجربة أقرب إلى العمل الفني التجريدي منها إلى لعبة تقليدية، تجربة تتلاعب بمفاهيم البناء والهدم، الوجود والعدم، وتدفعك إلى التأمل في الرموز والمعاني أكثر مما تدفعك إلى تحقيق الانتصارات المزعومة في بقية الالعاب. وبذلك فإن Dreams of Another ليست مجرد لعبة، بل رحلة فكرية وبصرية تحاول كسر القوالب المعتادة واستعراض افكار جديدة وتقديم رؤية مختلفة لكيفية تقديم قصة باستخدام هذة الاساليب والمفاهيم.

أسلوب اللعب

يرتكز أسلوب اللعب في Dreams of Another على استخدام السلاح الذي تحصل عليه منذ البداية، لكن على عكس المتوقع، لا يُستخدم الرصاص للتدمير فحسب، بل ليجسد معالم العالم من حولك. فالعالم يبدأ مجردًا من التفاصيل، ومع كل طلقة تتحول الفراغات إلى أشخاص، مباني، وأغراض مألوفة من حياتنا اليومية. المميز هنا أن كل شيء تقوم بخلقه «سواء كان كائنًا حيًا أو جمادًا» يملك مشاعر وطموحات وندمًا وأحلامًا وحتى غيرة، مما يضفي طابعًا إنسانيًا وفلسفيًا على كل تفاعل.

القصص الجانبية والتجسيد

منذ اللحظات الأولى، تلتقي بصبي صغير يتمنى أن يسمع عزف البيانو للمرة الأخيرة قبل أن يرحل مع عائلته. يوجهك هذا الصبي عبر تلميحات مثل حديثه عن رجل كان يعزف دائمًا عند سماع جرس المدينة. وهناك أيضًا قصة Mr. Cricket، صاحب متنزه الألعاب، التي تكشف لك كيف ومتى بُنيت مدينة الألعاب، لتضيف طبقة أخرى من السرد الرمزي. إلى جانب ذلك، تكشف لك اللعبة تدريجيًا ماضي كل من الجندي المتجول، سبب انضمامه للجيش، والفتى ذو البيجامة، وحقيقته في الواقع، إضافة إلى الصلة التي تجمع بينهما خارج عالم الأحلام.

التقدم والانتقال بين العوالم

كل مرة تنهي منطقة ما، تعود بك اللعبة إلى القائمة الرئيسية حيث يظهر الصبي ممددًا على سرير مستشفى في مشهد غامض. شيئًا فشيئًا، ينكشف سبب وجوده في المستشفى، وما الذي أدى إلى انهياره، ليضيف بُعدًا عاطفيًا قويًا للتجربة.

التفاعل مع الجندي والتطويرات

يمكنك التفاعل مع الجندي المتجول في كل منطقة جديدة تصل إليها. وفي نهاية كل حوار، يسألك إن كان لديك شيء لتقدمه له. إن أعطيته أحد الأغراض المفقودة أو المُهملة، يكافئك بقنابل يدوية تساعد على تسريع عملية تجسيد العالم، أو يمنحك تطويرات مثل زيادة سرعة الجري. ومع التقدم، تصل في النهاية إلى الحصول على قاذف RPG، الذي يفتح لك أسلوبًا جديدًا للتفاعل مع البيئة. 

الأغراض الناطقة والفلسفة الرمزية

الأغراض والمخلوقات التي تُجسدها عبر “التدمير” تدخل في حوارات مليئة بالمشاعر والتجارب. بعضها يتحدث عن كيفية استخدام الناس له، وبعضها يتذمر من الإهمال، بينما يحسد آخر الجمادات أو الحيوانات على امتلاك الحركة. هذه الحوارات لا تضيف عمقًا رمزيًا فقط، بل تجعل كل عنصر في اللعبة جزءًا من التجربة الفلسفية الكبرى.

إضافة إلى ذلك، تضعك اللعبة أمام مواقف فلسفية مباشرة، فتطرح أسئلة عن معاني مفاهيم معينة، وتمنحك خيارات للإجابة. ورغم أن هذه الاختيارات لا تؤثر على مسار القصة، إلا أنها تمنحك فرصة للتأمل والتعبير عن وجهة نظرك، كأنها حوار داخلي مع نفسك.

أحد أبرز الأمثلة على هذه الرمزية هو الأغراض التي تلتقطها من الأرض: متى يمكن الاستغناء عن شيء؟ هل عندما يصبح صدئًا وغير قابل للاستعمال؟ أم عندما يغيب الشخص الذي منحك إياه في الأصل؟ هذه الأسئلة البسيطة تفتح أبوابًا للتفكير في معنى الذكريات، القيمة، والارتباط العاطفي بالأشياء.

مع طول فترة اللعبة الذي قد يصل بناءاً على اسلوب لعبك ان كنت ستتفاعل مع كل شيء في العالم قد تصل الى ١٠ ساعات سيصبح اسلوب اللعب مكرر بعض الشيء والتجديد الذي يأتي على اسلوب اللعب المتمثل بالقنابل وقاذف الصواريخ يأتي على فترات متباعدة جدا وما بينهما ليس هناك اي جديد

اللعبة ليست منظور ثالث بشكل كامل فتجد المنظور يتغير بين الحين والاخير مابين جزئيات لعب تتضمن استخدام كاميرا ثنائية الابعاد او كاميرا من فوق الشخصية وهذة الجزئيات تحصل اغلب الوقت اثناء مشاهد الذكريات وكنت اتمنى لو تم استخدامها بصورة اكبر.

التوجه الفني

اعتمدت Dreams of Another على تقنية بصرية نادرة الاستخدام في ألعاب الفيديو تُعرف باسم Point Cloud Rendering، وهي أسلوب يعتمد على تكوين العالم من نقاط ضوئية أو فقاعات مبعثرة. هذه التقنية لا تعمل فقط كخلفية جمالية، بل تخدم جوهر الفكرة الفلسفية للعبة: العالم لا يُمنح لك كاملًا، بل عليك أن تكتشفه وتشكله بنفسك عن طريق التدمير.. في البداية سيبدو لك كل شيء مجردًا وضبابيًا وغريباً، أشبه بكتلة كبيرة مكونه من ملايين الفقاعات، لكن مع كل طلقة تخرج تتحول هذه الفقاعات والعالم المجرد إلى أشكال مألوفة في الحياة الواقعية: أشخاص، مباني أغراض. هذه التقنية تجعل التوجه الفني جزءًا لا يتجزأ من أسلوب اللعب والقصة.

الصوتيات

عنصر الموسيقى في Dreams of Another لا يقل جمالًا وأهمية عن التوجه الفني البصري. الألحان هنا هادئة في معظم الوقت، لكنها ليست ثابتة، بل تتغير مع مجريات الأحداث: في اللحظات الدرامية، تتصاعد الموسيقى لتمنح المشهد استحقاقه، وفي لحظات الصمت والتأمل، تتباطأ وتيرتها وتتحول إلى أنغام بسيطة وناعمة، ما يجعل الصمت والموسيقى الهادئة نفسها جزءًا من التجربة.

الاداء التقني

تمت تجربة اللعبة على الحاسب الشخصي والاداء كان مستقراً طوال اللعبة من دون هبوط اي اطار خلال اللعب لكن اللعبة مقفولة على خيار ٦٠ إطار في الثانية وهو امر محبط وغير مبرر.

* تمت مراجعة اللعبة على PC بنسخة مراجعة مقدمة من الناشر.