Luto Key Art
المراجعات

مراجعة لعبة Luto

المقدمة

Luto هي لعبة رعب نفسي من المنظور الأول، من تطوير استوديو Broken Bird Games. بعد إصدار العرض التجريبي (الديمو) قبل عامين، كنتُ من بين من انتظروا بفارغ الصبر النسخة الكاملة، وقد كانت التجربة عند الإطلاق تستحق هذا الانتظار بكل جدارة.

منذ صدور P.T، حاول الكثير من المطورين تكرار أو محاكاة التجربة الفريدة التي قدمتها، لكن معظمهم فشلوا في تقديم نفس الشعور بالاختناق والرعب النفسي العميق. إلا أن Luto كانت الاستثناء المنتظر؛ فقد استطاعت أن تخلق هويتها الخاصة، وأن تقدم تجربة مشبعة بالأفكار غير المتوقعة، مدفوعة بقصة مشوّقة تحبس الأنفاس من بدايتها حتى النهاية. 

القصة – Luto

تبدأ أحداث Luto بالبطل Samuel الذي يستعد لمغادرة منزله، حيث يحاول توضيب أغراضه تمهيدًا للانتقال، لكنه يكتشف فجأة أنه غير قادر على المغادرة لأي سبب غير واضح. ومع مرور الوقت، يتبين أن العدو الحقيقي في اللعبة ليس وحشًا يلاحقه، بل مشاعر مظلمة تطارده من الداخل.

الرعب في Luto ينبع من الألم النفسي، حيث يتم تجسيد مشاعر مثل الحزن، الغضب، الفقد، الإنكار، والقبول على شكل فصول متتالية. كل فصل من فصول اللعبة الخمسة يعكس مرحلة من مراحل الحزن، ويُصوّرها بأسلوب بصري مؤلم يوازي الحالة النفسية المتدهورة التي يمر بها سام.

خلال هذه الرحلة، يمر سام بتساؤلات عميقة مرتبطة بـ:

  • فقدان أحد أفراد عائلته.
  • الشعور بالذنب واعتقاده بأنه السبب في هذا الفقدان.
  • محاولات يائسة لملء الفراغ الذي خلّفه هذا الشخص.
  • الرفض التام لقبول الواقع.

كل هذه المراحل تُبني تدريجيًا حتى يصل إلى لحظة المواجهة مع ذاته ومحاولة التصالح مع الفقدان.

واحدة من أبرز النقاط الفنية في اللعبة كانت استخدام المطورين لتقنية Letterbox (الفراغ الأسود أعلى وأسفل الشاشة)، والتي منحت اللعبة طابعًا سينمائيًا فريدًا. هذا العنصر لم يكن مجرد خيار جمالي فقط، بل تم استغلاله ضمن أسلوب اللعب لعرض تعابير سام النفسية ومما عزز من الارتباط العاطفي مع الشخصية.

أسلوب اللعب 

يمكن تقسيم تجربة اللعب في Luto إلى عدة عناصر رئيسية، تمتزج معًا لتقدم تجربة رعب نفسي متكاملة:

 الاستكشاف الهادئ:

تبدأ اللعبة داخل منزل يبدو عادياً، لكنه يتحول تدريجياً إلى متاهة مظلمة مليئة بالذكريات، الأصوات، الرسائل الغامضة، والرسومات على الجدران. كل تفصيلة في البيئة قد تحمل دلالة أو تلميحاً لحل لغز، مما يشجعك على التروي والانتباه لكل ما يحيط بك.

 الألغاز الذكية:

اللعبة تعتمد بشكل أساسي على الألغاز، والتي تتنوع ما بين:

ترتيب الأغراض بطريقة صحيحة، العثور على عنصر معين واستخدامه في موقع مختلف لفتح مسار جديد، التركيز على شيء بصري، ثم النظر بعيدًا عنه ليظهر تغيير مهم، والاستعانة بـدفتر الرسومات الذي يكشف لك أدلة بصرية لحل الألغاز.

حتى الهاتف الموجود في اللعبة يمكن التفاعل معه؛ في أحد المقاطع، ستجد مطرقة معلّقة في السقف، والطريقة الوحيدة لإسقاطها هي الاتصال برقم النجدة (SOS) لإحداث اهتزاز في المنزل.

 التغييرات السلسة في البيئة:

على الرغم من أن معظم أحداث اللعبة تدور داخل منزل واحد، إلا أن التغييرات البصرية التي تطرأ عليه بشكل تدريجي تحافظ على عنصر المفاجأة والرهبة. أحيانًا، تنتقل إلى أماكن خارجية محدودة، مثل مناطق مغطاة بالصخور أو الرمال، لكن المنزل يظل هو القلب الأساسي للتجربة.

 المصباح كأداة لعب:

يُستخدم المصباح اليدوي لرؤية ما حولك في المناطق المظلمة، لكنه أحيانًا يكون جزءًا من حل الألغاز. في إحدى الحالات، ستجد بابًا مغلقًا، والطريقة الوحيدة لفتحه هي إغلاق المصباح ثم إعادة تشغيله لتفعيل التفاعل المطلوب.

الأداء الصوتي والمؤثرات الصوتية

رغم بساطة الصوتيات المستخدمة في Luto، فقد نجحت اللعبة بامتياز في خلق تجربة نفسية مرعبة، تعتمد بشكل كبير على الصمت الثقيل الذي يخيّم على أغلب فترات اللعب. مجرد صوت صرير باب يُفتح أو يُغلق، أو تلك الأصوات الغامضة المرتبطة بذكريات وماضي “سام”، كفيلة بأن تبقيك متوتراً طوال الوقت.

الراوي الصوتي الذي يرافقك خلال الرحلة كان من أبرز عناصر اللعبة. صوته المليء بالغموض والريبة، يجعلك دائمًا في حالة شكّ وتساؤل: هل ما أعيشه هو الحقيقة؟ وهل أنا مستعدّ لتقبّلها؟ هذا الأداء الصوتي لم يكن مجرد تعليق، بل جزء من التجربة النفسية العميقة التي تمر بها الشخصية.

ومن أكثر اللحظات المميزة التي نالت إعجابي، كانت كسر الراوي للجدار الرابع في أحد الفصول؛ حين لا تعجبه قراراتك، يتدخل بشكل مباشر ليقوم بفتح القائمة الرئيسية بنفسه والخروج من اللعبة، مما يضيف لعنصر المفاجأة طبقة نفسية إضافية تكسِر توقعات اللاعب بشكل غير مألوف.

الأداء التقني

Luto تُقدم واحدة من أكثر التجارب استقراراً من حيث الأداء على محرك Unreal Engine، حيث لا توجد أية مشاكل تقنية تُذكر. طوال فترة اللعب لم تظهر أي تقطعات أو أخطاء برمجية تؤثر على التجربة، كما حافظت اللعبة على ثبات معدل الإطارات بشكل ممتاز، مما يجعلها من أكثر الألعاب سلاسة في تصنيف العاب الرعب النفسي. 

* تم مراجعة اللعبة على منصة PC، بنسخة مراجعة مقدمة من الناشر. 

الإيجابيات

السلبيات

التقييم النهائي

لعبة Luto ليست مجرد لعبة رعب نفسي..بل تجربة شعورية مظلمة تعيد تعريف هذا النوع. من خلال أسلوب لعب بسيط وألغاز مدروسة، تأخذك اللعبة في رحلة نفسية مرعبة تستعرض مشاعر الحزن، الفقد، والحب بطريقة سوداوية ومؤثرة. لا تعتمد على المطاردات أو الفزعات الرخيصة، بل تبني رعبها على الصدمة النفسية والتصاعد العاطفي. قصة غير متوقعة، إخراج بصري وصوتي يخدم أجواء الكآبة بشكل مذهل.

إن كنت تبحث عن تجربة تتجاوز حدود الخوف التقليدي…فـ Luto ستفعل أكثر من ذلك.

9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Optimized by Optimole